Tuesday, July 21, 2009

صـفـحـــــات مـن الـــــتاريـخ ( 6- 18


عبدالحميد الشعبي - عضو المكتب العسكري للجبهة القومية: (الحلقة السادسة).. راهنت بريطانيا على فشل العمل المسلح بعدن فأسقط أبطال الجبهة القومية كل الرهانات


* سلم علي ناصر محمد ومحمد علي هيثم أسلحتهما
الشخصية وقالا: خلاص جمدنا أنفسنا يا فيصل!
* فيصل عبد اللطيف قرر بشكل فردي فصل ناصر السقاف من الجبهة دون الرجوع إلى القيادة
حوار: سامي غالب - باسم الشعبي

> بعد عودة قيادة الجبهة الوسطى إلى تعز قلت إنها كانت تحمل خلافاتها، ما طبيعة هذه الخلافات؟
- كل واحد يريد أن يكون هو المسؤول.
> أنت إلى من كنت تميل؟
- ولا إلى واحد منهم.
> طيب من كنت ترى أنه الأجدر؟
- ولا واحد، وقد تركت الموضوع لفيصل عبداللطيف.
> وماذا قرر فيصل؟
- عندما لاحظ أن محمد علي هيثم وعلي ناصر رأيهم موحد، قام بفصل ناصر السقاف دون الرجوع إلى القيادة الجماعية.
> يعني اتخذ قراراً فردياً لاعتباراته هو؟
- كان ينظر إلى أن خسارة واحد أفضل من أن نخسر اثنين. وقبل اتخاذ قرار الفصل بذل فيصل دوراً كبيراً لحل الخلاف. إلا أن الجيب التنظيمي المزروع في الجبهة القومية وقف حائلاً أمام كل المساعي الرامية إلى الإبقاء على ناصر السقاف.
> علي ناصر ومحمد علي هيثم كانوا قريبين من بعض؟
- كانوا من أسر عادية. أما ناصر السقاف فكان من أسرة مشايخ وسادة، وكانت هناك حساسية من هذا الموضوع.
> قبل فصل ناصر السقاف اصطحبه فيصل معه إلى الشمال؟
- ذهبا لمقابلة رئيس الوزراء، الجائفي، في صنعاء، وأذيع اللقاء من إذاعة صنعاء يومها.
> السقاف كان معروفا كما يبدو، وكان لديه مواصفات معينة؟
- كان معروفا لدى السلطة في الشمال، بعكس الإخوة الآخرين كانوا عاديين جداً.
> هل كانت أعمار ناصر السقاف، وعلي ناصر ومحمد علي هيثم متقاربة؟
- ناصر كان يكبرهم بسنتين أو ثلاث.
> كيف تم بعد ذلك تبرير فصل ناصر السقاف؟
- الموضوع طرحناه في اجتماع موسع.
> طرحتموه كمأخذ على فيصل عبداللطيف؟
- نعم لأنه كان المفروض أن يتشاور مع القيادة، وطبعاً كان هذا أول خطأ يرتكبه فيصل.
> فُصل من الحركة والجبهة، وماذا كانت ردة فعله؟
- نعم، أصدر تقريراً عما يدور في الجبهة والحركة.
> كنتم على علم به؟
- نعم.
> ماذا حدث بعد ذلك على صعيد الجبهة الوسطى؟
- حدث أنه بعد فصل ناصر السقاف قدَّم محمد علي هيثم مذكرة بسبب خلاف حدث بينه وبين فيصل عبداللطيف، إلا أن فيصل لم يحاول حل المشكلة، حتى أن محمد علي هيثم وعلي ناصر محمد جاءوا إلى المكتب العسكري لتسليم أسلحتهم.
> كان فيصل الشعبي على علم بذلك؟
- لم يكن يعلم في البداية، إلا أنه عرف بعد ذلك أن محمد علي هيثم وعلي ناصر محمد دخلوا المكتب العسكري بأسلحتهم وخرجوا من دون سلاح وأن عبدالحميد الشعبي كان هناك، ولا أدري من أخبره بذلك.
> كيف تصرف؟
- عندما دخل إلى المكتب العسكري تساءل: أيش هذا؟ فرددت عليه: هذا سلاح علي ناصر وهذا سلاح محمد علي هيثم. فتساءل مرة أخرى: ليش؟ فقلت له: سلموا أسلحتهم وقالوا إنهم استلموها من الجبهة القومية وأعادوها إليها وأنهم قالوا: "نحن خلاص جمدنا أنفسنا يا فيصل". أنا حاولت أقنعهم على الإبقاء على أسلحتهم معهم فرفضوا. وقد أخبرت فيصل بضرورة الجلوس معهم وكان هذا رأيي حينها، إلا أن فيصل أهمل الموضوع، وهذه الواقعة حينما ذكرتها لعلي ناصر في 76 انزعج وأنكرها.
> ربما كان يعتبرها انتقاصا منه؟
- كان هو رئيس وزراء في تلك الفترة، ولما ذكرته بالواقعة لم أكن أقصد الانتقاص منه.
> هل هناك أسباب أخرى لتعثر الجبهة الوسطى؟
- أولاً لم تكن توجد مراكز انجليزية، أي تابعة للاستعمار. وثانياً استنكار الشعب للأعمال التي يقوم بها جيش التحرير ضد جيش الاتحاد والجميع من أبناء شعبنا. ومن ناحية أخرى عدم شمول القتال منطقتي مكيراس والفضلي.
> لماذا لم يتسلم حسين الجابري قيادة الجبهة الوسطى؟
- قيادة الجبهة القومية هي التي كانت تحدد مهام العناصر المكلفة بمهمات في الجبهة الوسطى وغيرها من الجبهات. وكان منهم حسين الجابري وعلي عبدالعليم وخالد عبد العزيز ومحمد سالم تومة.
> حسب تقرير قُدم للمؤتمر الأول للجبهة القومية فإن إدارة حرب التحرير في الجبهة الوسطى خضعت لاعتبارات تتعلق بقيادة الجمهورية العربية اليمنية، التي كانت تعول على تعاون السلطات العوذلية معها, ولذلك لم يسمح لمجموعة دثينة بضرب مكيراس, ما صحة ذلك؟
- صحيح، لم يتمكن جيش التحرير في الجبهة الوسطى من ضرب المعسكر البريطاني في مكيراس. ويضاف ذلك إلى أسباب فشل الجبهة. وقد نوقش ذلك في المؤتمر الأول للجبهة القومية وفي الاجتماع الموسع الذي عقد للشباب قبل انعقاد المؤتمر.
> مكيراس كانت مركزا معاديا لثورة سبتمبر؟
- لا. بيحان كانت المركز المعادي الأول. وعندما بدأنا بفتح الجبهات كانت مكيراس توازيها.
> كان هناك صراع بين الجمهوريين والملكيين في الشمال، وكانت توجد تحالفات بين الملكيين والبريطانيين، وهذا ربما خلق تعاونا استخباراتيا لضربكم وضرب الثورة في الشمال؟
- الحرب كانت ممتدة. وعندما يفكر الواحد منّا الآن بالموقف العدائي للسلطة في الشمال للثورة في الجنوب، في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا والملكيين يستعدون لفتح جبهات ضد ثورة سبتمبر، يستغرب. كان المفروض بالسلطة في الشمال أن تقف مع الثورة في الجنوب، لأن حريب ضربت بالطائرات البريطانية، وأيضاً مأرب، وقعطبة ضربت بالمدافع البريطانية من الضالع. بريطانيا كانت بدأت تعد العدة لمحاصرة الثورة في الشمال، وفي الوقت نفسه السلطة في الشمال موقفها عدائي من الثورة في الجنوب. شيء غريب أليس كذلك؟!
> بالنسبة لجبهة الصبيحة لماذا لم يتم افتتاحها قبل الجبهة الوسطى، علماً أن أغلب قادة الجبهة القومية كانوا من الصبيحة؟
- كان عندنا حساسية من تهم المناطقية.
> ألا يوجد سبب آخر؟
- لا.
> ألم يكن ذلك ناتجا عن انخراط عدد من أبناء الصبيحة بالجيش الاتحادي؟
- كان لنا صلة بهؤلاء وعدد كبير من أبناء الصبيحة. وكان بإمكاننا فتح جبهة الصبيحة أولاً، لكن نتيجة هذه الحساسية أجلناها "شوية", وكان لدينا مخطط بأن تكون جبهة الصبيحة أقوى من أي جبهة أخرى، وذلك لقربها من عدن، وقد افتتحناها في ديسمبر 64.
> قبل جبهة الصبيحة افتتحت جبهة عدن، متى كان ذلك؟ ومن هو أول قائد لها؟
- افتتحت جبهة عدن في أغسطس 64، وكان فيصل عبداللطيف قائداً لها. وقد أورد علي احمد السلامي في صحيفة "14 أكتوبر" بتاريخ 30 نوفمبر 1989 ما نصه: "في يونيو 64 خرجنا من عدن بأمر من حركة القوميين العرب وتفرغنا لقيادة الكفاح المسلح بتعز وكان فيصل عبداللطيف متفرغا لعدن. وعندما انكشف لحق بنا إلى تعز وتعين بعده عبدالفتاح اسماعيل. وفي يونيو 65 كان عبدالفتاح مريضا في تعز، وطلب المجلس التنفيذي نزولي إلى عدن، ونزلت بمهمتين: توسيع قيادة الجبهة القومية بإشراك عناصر من خارج حركة القوميين العرب وإسقاط حكومة عبدالقوي مكاوي".
> متى أدخلتم الأسلحة لجبهة عدن؟
- في يوليو 64 استلم المكتب العسكري بتعز الدفعة الثانية من الأسلحة المقدمة من المصريين والمخصصة لجبهة عدن وتم إنزالها في سيارتين لاندروفر تابعتين لجهاز المخابرات المصرية بتعز إلى منطقة الشريجة بلواء تعز. وكان الرائد أبو النصر مشالي من جهاز المخابرات المصرية وعبدالحميد الشعبي من المكتب العسكري التابع للجبهة القومية، ومعهما عبدالعزيز محمد سلام الذي وصل إلى مكتب الجبهة بتعز لاستلام تلك الأسلحة، هم من أوصلوها إلى الشريجة. وهناك كان في انتظارها محمد سعيد مصعبين وعلي جاحس ويوسف علي بن علي وفضل عبدالله ناصر، وشاركهم الشيخ أحمد صالح الرجاعي في إدخال الأسلحة إلى جبهة عدن عبر لحج على ظهور الجمال والحمير. وبعد إتمام عملية تحميل الجمال والحمير عدنا إلى تعز, الرائد أبو النصر مشالي وأنا.
> الأشخاص الذين كان يتم إرسالهم من عدن إلى تعز للتدريب من كان يختارهم وكيف كان يتم إيصالهم؟
- كان يرشحهم فيصل عبداللطيف، وكان يتم إيصالهم عبر كرش.
> كانوا يخرجون بشكل سري أم بصورة عادية؟
- بصورة سرية طبعاً على شكل دفعات سيراً على الأقدام.
> أثناء نقل الفدائيين إلى تعز أو نقل الأسلحة أو القيام بأي شكل من أشكال النشاط كنقل الرسائل مثلاً, كيف كانت الأجهزة الأمنية اليمنية أو المصرية تتعامل مع الجبهة القومية بهذا الخصوص، لاسيما وأنهم كانوا يرصدون الحدود؟
- كان في تسهيلات.
> لم تحدث مضايقات ولم يتم إلقاء القبض بالصدفة على حامل رسالة أو سلاح أو مجموعة متسللين؟
- كانت لنا علاقات بمهيوب عبدالله مدير الأمن بتعز، وسلطان القرشي نائبه، وكذا لنا علاقات شخصية مع عبدالواحد السياغي مدير المخابرات، وحسين العمري مدير المباحث العامة، وقد أسندت مهمة حل مشاكل أفراد جيش التحرير إليّ في المكتب العسكري.
> يعني كانت تحدث مشاكل؟
- كانت عناصر معينة من الأمن في تعز تقوم باحتجاز عناصر من الجبهة القومية عندما يصلون إلى تعز, وكنت أقوم بحلها بالتنسيق مع قيادات الأجهزة الأمنية اليمنية.
> لماذا كانت بريطانيا تراهن على عدم نجاح العمل العسكري بعدن؟
- كانت تراهن على صغر المنطقة وعدم وجود الأرض الصالحة للعمل العسكري الفدائي بعدن، لكن الفدائيين من جبهة عدن بقيادة فيصل عبداللطيف أثبتوا لبريطانيا والذين كانوا يراهنون على عدم قدرة صمود العمل العسكري في عدن لأيام، عكس ذلك تماماً؛ حيث انكشفت تلك المراهنات على حقيقتها بصمود الأبطال في شوارع عدن والذين استطاعوا انتزاع الجماهير من الجو النفسي الذي كانت تعيشه قبل بدء العمل الفدائي في مدينة عدن.
> بالنسبة لجبهة ردفان هل يمكن أن تذكر لنا أول دفعة من الفدائيين تم تدريبهم في تعز؟
- كانو 19 مقاتلاً، وهم: أحمد محمد عبد محلاي، سعيد صالح سالم، مثنى صالح ثابت، ثابت ناصر دبة، فضل علي سالم، فضل سالم حسين، صالح ثابت ناصر، عبدالله علي حسين، حسين عيدروس، عاطف احمد مثنى، قاسم عبدالله محسن، فضل عبدالكريم، محمد قاسم جيوب، راجح حسين صالح، محمد راجح ثابت، قاسم عبدالله سعيد، عثمان محمد نصر، علي مثنى أحمد، عمر حسن نصر.
> في منتصف ليلة الأحد تاريخ 1/11/1964 تحركت سيارة من تعز إلى الضالع وعليها 19 مقاتلا وقد تعرضت لانفجار لغم في الطريق، من هم الذين كانوا على متن السيارة؟ وماذا حدث بعد ذلك؟
- المقاتلون الذين كانوا على متن السيارة هم: عسكر شائف، صالح عسكر شائف، علي ناجي، صالح حسن، احمد حسن، علي صالح قاسم، قائد عبده، علي محمد الفقيه، احمد محمد شائع، محمد علي عبادي، علي احمد حسن، عبدالله مثنى علي، محسن محمد بن احمد، خالد محمد علي، مقبل الحاج، عبدالله احمد، طه صالح، مثنى حسين، علي محمد سعيد الاحمدي.
والذي حدث في طريق ماوية هو انفجار اللغم المزروع في السيارة والذي كان هدفه مناضلي جبهة الضالع، وذلك في تمام الساعة الخامسة من صباح الاثنين 2/11/1964 وأدى إلى وقوع 12 شهيدا و5 جرحى كانت جراحهم خطيرة ونجا اثنان وهما عسكر شائف وابنه صالح عسكر شائف، وقد سألت عنه قبل مدة وقيل لي أنه حي يرزق.
> في مساء 23 يوليو 64 شن جيش التحرير أول هجوم في جبهة الضالع على القاعدة البريطانية، لماذا اختير هذا اليوم؟ ومن قرر ذلك؟ ومن كان يقود جبهة الضالع؟
- أول عمليه فدائيه في جبهة الضالع وقعت في يوم الجمعة الموافق 19 فبراير1964 وقد أصدرت الجبهة القومية البلاغ رقم 5 أوضحت فيه أن قوات طلائع الجبهة قامت بهجوم مركز على قوات المضلات البريطانية في منطقة الضالع وتكبد العدو خسائر فادحة في العتاد والأرواح، منها نسف سيارة حربية مصفحة وقتل وجرح عدد كبير من قوات العدو. وكان شعار الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن "النصر أو الموت".
أما بالنسبة لقيادة جبهة الضالع كان يقود الجبهة: محمد احمد البيشي وعلي احمد ناصر عنتر وعلي شائع هادي. أما جبهة الشعيب فقد كان يقودها: صالح مصلح قاسم. وتم توحيد جبهة الضالع وجبهة الشعيب لاحقا في جبهة واحدة.
وقد استلمت رسالة من فيصل عبداللطيف الشعبي بتاريخ 23/6/1967 أشار فيها إلى أن الإخوة في الضالع يحاصرون قصر شعفل وأن جيش التحرير في جبهة الضالع والشعيب أنذروا الضابط السياسي (باكستون) وطلبوا منه المغادرة خلال نصف ساعهة وقذفوا في وجهه بأحد القيود التي كان الأحرار مكبلين بها، صارخين في وجهه: لتأخذ بريطانيا قيودها وعملاءها وترحل من أرضنا الطاهرة.
> لماذا اشتبك جيش التحرير في الضالع مع معسكرات جيش وشرطة الاتحاد العربي؟ وهل أثر ذلك على مكانة جبهة الضالع؟
- كانت الجبهة القومية حريصة على ألا تدخل في أي اشتباك مسلح مع الجيش العربي، لأنه كان لها تنظيم يعمل في وسط الجيش العربي وكانت له مساهمات فعالة في مدها بالأسلحة والذخيرة عندما انسحبت الجبهة القومية من جبهة التحرير وقطع عنها المال والسلاح الذي كانت تتلقاه من الجانب العربي.
> هل كانت تقرر رواتب معينة لأسر شهداء الجبهة القومية؟
- كانت الجبهة القومية تدفع معاشات شهرية لأسر الشهداء.
> حسب عبد الحميد عثمان فإن أول هجوم لجيش التحرير الشعبي في جبهة الصبيحة كان في 18 ابريل واستهدف معسكر العند, ما صحة ذلك؟
- جبهة الصبيحة افتتحت في ديسمبر 1964، وما قيل غير صحيح.
> عند نقل الأسلحة لجبهة الصبيحة من تعز حدثت واقعة مثيرة في الطريق, ممكن تذكرها؟
- بعد أن تم تدريب أفراد من جيش التحرير في معسكر صالة استلمت الجبهة القومية كمية من الأسلحة، وتم تسليم كل جندي من جبهة الصبيحة بندقية شرفا 303، وبدون ذخيرة، بسبب شجار حدث بين اثنين من الجنود. ثم تم نقل جميع الجنود على سيارات لاندروفر بعد العصر. وبعد صلاة المغرب وصلنا إلى الراهدة، وهناك فوجئنا برفض القائمين على "الخشبة" السماح لجيش التحرير والأسلحة بالمرور، وقيل لنا إن هناك تعليمات لديهم من أحد المسؤولين في الجمهورية العربية اليمنية. وكان ردنا: إذا لم يتم السماح لنا بالمرور فسنضطر إلى كسر الخشبة وسنمر بالقوة. وكان معنا من أفراد جنود جيش التحرير عبد القوي محمد شاهر وهو الآن شيخ مشايخ الصبيحة. بعدها تدخل حسن قايد القاضي، وكان موظفا في الجمهورية العربية اليمنية، وأقنع المسؤول عن الخشبة بضرورة مرور جيش التحرير، سمح لنا بالمرور. وبعد أن قطعنا خمسة كيلومترات أوقفنا السيارات وأنزلنا صناديق الذخيرة وأعطينا كل جندي 50 طلقة.
> هل ممكن نعرف معلومات أكثر عن حسن قايد القاضي؟
- هو شخصية وطنية، وكان عضوا في حركة القوميين العرب، وكان يعمل في جمارك الراهدة.
> كان هناك شخصيات متعاطفة مع الجبهة القومية، أمثال عبد الرحمن محمد علي عثمان نائب رئيس مجلس الرئاسة, والنعمان، والعمري، وآخرين، كانوا يريدون أن يدعموا الجبهة وتوفير التسهيلات أمامها؟
- نعم, ولكن لم يكن عندهم الإمكانات.
> هل ممكن تذكر لنا الأسباب التي كانت تدفع بعض الأطراف في الشمال للوقوف ضد الجبهة القومية، مع أن ذلك كما أشرت سابقا لا يخدم الثورة والنظام الجمهوري في الشمال؟
- إلى الآن وبعد مرور أكثر من 40 عاما على الثورة لم أجد تفسيرا أو أي سبب مقنع. ولا أدري كيف كانوا يبررون لأنفسهم المواقف المتخاذلة.
> السلال كيف كان؟
- السلال وافق على فتح مكتب للجبهة القومية بصنعاء وأعطى تعليمات بذلك.
> يعني هل يمكن القول أن هؤلاء الذين كانوا ضدكم كانوا ضد عبد الناصر أيضا؟
- نعم.
> محمد علي الصماتي أو "الطلي"، يقول في شهاداته إنه استدعي من جبهة ردفان إلى تعز وكلف بفتح جبهة الصبيحة؟
- تم تكليف ثلاثة: سالم زين محمد، ومحمد علي الصماتي، وثابت علي مكسر.
> طبق التقرير التقييمي لجبهة الصبيحة المقدم للمؤتمر الأول للجبهة القومية فإن جبهة الصبيحة فتحت لغرض تنفيذ فكرة شمول المعركة كل الجنوب رغم عدم وجود أهداف انجليزية لضربها. وقد انتقد التقرير عدم حزم قيادة الجبهة وعدم الانضباط، وفرار بعض رجال القبائل, كيف تفسر هذه الاختلالات رغم الحرص الذي عبرت عنه سابقا؟
- حددت قيادة الجبهة القومية مهاما لقيادة جبهة الصبيحة لتنفيذها، ومنها القيام بعملية نوعية حددت تكاليفها بمبلغ 600 ريال يمني، وكان ذلك المبلغ حينها كبيرا، وهذه العملية يعرفها علي احمد ناصر السلامي. لكن قيادة الجبهة لم تقم بتنفيذ تلك العملية، بل انسحبت بعد أيام من الموقع المحدد لها في جبل "خلاقة" إلى داخل الأراضي اليمنية، وبالتحديد إلى وادي الهجر القريب من الراهدة بلواء تعز، دون أخذ الموافقة بالانسحاب من قيادة الجبهة القومية، الأمر الذي أدى إلى سحب سالم زين وتوجيه اللوم له بسبب ذلك الانسحاب.
وعرف فيما بعد أن سبب عدم تنفيذ العملية النوعية وانسحاب جيش التحرير كان بإيعاز من الجيب التنظيمي المزروع في الجبهة القومية لإظهار عدم مقدرة الجبهة القومية على ضبط الأمور، وحدث ذلك بعد تعثر الجبهة الوسطى.
> التقرير أيضا أشار إلى أن الجبهة خسرت مركزا لها في جبل خلاقة، ما أدى إلى تأثيرات سلبية على المعنويات, ما أهمية هذا الموقع؟ وماذا فعلت الجبهة القومية لتدارك الآثار السلبية لخسارته؟
- كان مركز خلاقة يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، وكانت الجبهة القومية تنظر إليه على أساس أنه انتصار لها, لذلك وبعد خسارة الموقع رأت الجبهة أنه لا بد من وضع تخطيط جديد لجبهة الصبيحة. وهذا ما حدث.
> لماذا كان موقف الدقم سلبيا من الطلي؟
- موقف الرائد محمد احمد الدقم لم يكن سلبيا من محمد علي الصماتي (الطلي)، فقد كان الرائد الدقم يمزح معي عندما قال إنه سيقطع للطلي شواربه. وأيضا لم يكن موقفه سلبيا من الجبهة القومية، فقد التحقت المجاميع التي كانت معه بالجبهة القومية ومنهم عبدالوهاب عثمان وعبدالحميد عثمان، ولم يعترض على التحاقهم بأسلحتهم التي هي في الأساس أسلحته.
> لماذا استطاعت الجبهة القومية تحييد سلطان الحواشب, وفشلت مع سلطان لحج؟
- سلطان الحواشب كان يدعى في أبين "الأمير الحافي"، كونه لا يوجد فرق بينه وبين المواطنين العاديين إلا كلمة "أمير", وبعض السلاطين كانوا شبه فقراء، وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد، باستثناء نشطاء الجيب التنظيمي المزروع في الجبهة القومية.
> في جبهة حواشب الغيل أخفقت الجبهة في إدارة الكفاح المسلح فيها. وحسب المراجع التاريخية فإن غياب الكوادر المؤهلة في الجبهة القومية أدى إلى الاعتماد على أمراء وقبائل, وهذا سبب عوائق أمام الجبهة، كيف تمت معالجة هذا الإخفاق؟
- أمراء الحواشب الذين اعتمدت عليهم الجبهة القومية عند فتح جبهة الحواشب هم من أفراد الشعب ولا عيب في ذلك طالما آمنوا بالنضال المسلح. ولكن الجيب التنظيمي المزروع هو الذي زرع الخلافات وعمل على "تطفيشهم"، كما سبق له أن "طفش" الرائد عيدروس حسين القاضي ممثل حزب الشعب الاشتراكي من اللجنة التحضيرية التي شكلت في صنعاء في فبراير 1963 برئاسة قحطان محمد الشعبي، وهو الذي كان ينزل الإشاعات في شوارع تعز.
> ترد في بعض المراجع مقولة أن الحزب الاشتراكي العربي كان واجهة سياسية للجبهة القومية في حضرموت, من كان يقود هذا الحزب؟ ومن المسؤول الأول عن جبهة حضرموت؟
- جبهة حضرموت كان لها وضع خاص، وكانت قيادة الجبهة القومية هي المسؤولة مباشرة عنها. وفي الاجتماعات الموسعة التي كانت تعقد لشباب الجبهة القومية المنتمين لحركة القوميين العرب وكان اثنان من قيادة الحركة في شمال اليمن يحضران تلك الاجتماعات هما عبدالرحمن محمد سعيد وعبدالقادر سعيد، لم يذكر أحد أن الحزب الاشتراكي العربي كان واجهة سياسية للجبهة القومية في حضرموت، وحتى لو كان ذلك صحيحا فقد كانت الظروف تحتم عدم التطرق إلى مثل هذه الأمور.
بالنسبة للمسؤول عن جبهة حضرموت لم نكن نعرفه, حتى قائد جبهة عدن في بداية العمل المسلح لم يكن أحد يدري أنه فيصل عبداللطيف الشعبي إلا بعد أن اكتشف وغادر عدن إلى تعز. وحتى نور الدين قاسم لم يكن معروفا أنه تولى مسؤولية القيادة لجبهة عدن بعد انكشاف فيصل الشعبي إلا بعد اعتقاله من قبل القوات البريطانية. وحتى عبدالفتاح إسماعيل لم يكن يعرف أنه ولي مسؤولية قيادة عدن إلا بعد وصوله إلى تعز بسبب مرض ألم به حسب قوله، وتكليف علي احمد السلامي بالنزول إلى عدن. تلك الأمور كانت سريه للغاية والذي كان مطلعا على ذلك هم قلة

No comments:

Post a Comment